top of page
Crystal Salt

أوسكار 2022 : Coda مشهد واحد كافِ ليحمل الفيلم إلى منصات التتويج


لطالما كانت السينما هي محصلة لمجموعة من التجارب التقنية بدأت أواخر القرن التاسع عشر, ومن ثم أصبحت نتيجة لمحاولات فنية يخوضها صانع الفيلم بنفسه متأثراً بقراءاته ومتابعاته, فيصنع نهجه السينمائي الخاص حتى وإن اختلفت طريقة المعالجة من فيلم لآخر. في ثاني تجاربها الإخراجية الروائية السينمائية الطويلة بعد Tallulah عام 2016 قدمت سيان هيدر في Coda أبسط أنواع المعالجات السينمائية بعيداً عن تعقيدات الصورة والحبكة ورمي الألغاز هنا وهناك ولملتها في نهايات الفيلم.

فبنت مَشاهدها على أساس بداية واضحة ونهاية متوقعة وقللت مونتاجياً من تداخل المَشاهد من مواقع متعددة محافظة على التوازن مابين الزمن السينمائي والزمن الحقيقي, فاتبعت أسلوباً تُمسك به بيد المُشاهد لتأخذه إلى حكايتها وتنقله إلى الحدوتة التالية بكل بساطة وسلاسة, لتصل به إلى اللحظات الحاسمة عند الدقيقة 95 و13 ثانية عندما أغلقت بطلتها روبي روسي ( ايمليا جونز) باب قاعة اختبار القبول الجامعي على مسرح إحدى الجامعات لتعلن معه هيدر أنها مستعدة منذ هذه اللحظة لاستلام جائزة الأوسكار في مشهد استغرق من الزمن 5 دقائق و30 ثانية معتمدة قطعاً مونتاجياً بمعدل 5.2 ثانية, حيث قدمته في 63 لقطة من أحجام وزوايا مختلفة وكأنها ستقدم لنا فيلماً مستقلاً قصيراً في هذه اللحظات.


فبدأ المشهد بلقطة تأسيسية استغرقت 10.6 ثانية لنتعرف فيها على المكان الذي سيدور فيه الحدث اللاحق يتوسط اللقطة ثلاثة أشخاص يبدو أنهم لجنة القبول, بينما نرى في عمق الصورة بيانو على المسرح تجلس خلفة عازفة ذات أصول آسيوية, لتبدأ عضوة اللجنة بتعريفنا على المتقدمة روبي مرحبة بها لترد روبي التحية من نفس الزاوية التي نراها ولكن بحجم لقطة أصغر , تنقلنا بعدها هيدر لزاوية أخرى للكاميرا لتعرفنا على القاعة من مكان آخر بلقطة ستُكرر لاحقاً في 3 مواضع أخرى.

ولكي لاتدخلنا في ثرثرة التعريفات تذهب المخرجة إلى بهو الجامعة لترينا بست لقطات تتجاوز في مجموعها الــ 20 ثانية عائلة روبي التي تقرر الدخول إلى مسرح الأحداث من مكان آخر.

6 لقطات خلال المشهد تجاوزت في زمنها الــ 10 ثوان حتى أن أطول لقطة كانت قبل الأخيرة وبلغت 18.5 ثانية وهي عبارة عن لقطة قريبة لروبي وهي تغني أغنيتها مترجمة إياها بلغة الإشارة والتي كان لها الأثر الأكبر لدى عائلتها, فيما لم تتجاوز 39 لقطة حاجز الــ 5 ثوان.

تقنية الصوت من خارج الكادر استخدمتها هيدر في المشهد في لقطة مشابهة في تكوينها اللقطة التأسيسية عندما يتدخل برناردو فيلالوبوس (اوخينيو ديربيز) قبل أن يحل مكان عازفة البيانو لعزف موسيقا بوث سايدز ناو لــ جوني ميتشل التي ستغنيها روبي في اختبارها الجامعي.

ولم تتأخر المخرجة بالإجابة عن أي سؤال تطرحه أي لقطة, فعندما تتوقف نظرات برناردو تجاه شيء ما خارج الكادر في اللقطة 30 نعرف في اللقطة التالية أنه يراقب اللجنة التي بدأت تدون ملاحظاتها ليتعمد الخطأ في العزف في اللقطة التالية ليمنح روبي فرصة ثانية للسيطرة على ارتباكها, وهي ذات الطريقة التي اعتمدتها مع روبي في اللقطة 39 عندما نظرت إلى أعلى لتليها لقطة تشابه في تكوينها اللقطة 3 والتي تظهر دخول عائلتها إلى المكان. بالعموم المشهد بني على ثلاثة أجزاء, فاستغرق الأول دقيقتين و44ثانية انتهت بارتباك روبي في أداء الأغنية, فيما لم يتجاوز الثاني ال47 ثانية كانت كافية لندخل الجزء الثالث والذي كان له الأثر الأكبر بزمن دقيقة و59 ثانية قُدمت خلاله 15 لقطة, استفاضت سيان هيدر زمنياً في معظمها لرصد ردود الأفعال ومنح ايميليا جونز مزيداً من الزمن لإظهار اتقانها للغة الإشارة.

إن ماقدمته المخرجة والكاتبة ذات الــ 45 عاماً في فيلمها Coda منح الفيلم 3 ترشيحات لأوسكار 2022 عن فئات أفضل فيلم_ أفضل سيناريو مقتبس_ أفضل أداء لممثل بدور مساند لتروي كوتسور, وقد يبدو مستغرباً غيابها عن ترشيح أفضل إخراج أو حتى غياب ايميليا جونز عن ترشيح أفضل ممثلة رئيسية, وقد يكون من الظلم عدم حصول هذا الفيلم على أي جائزة. تروي كوتسور يستحق الترشح من خلال مشهدين في 10 دقائق

قد يستغرب المراقب السينمائي ترشيح الأميركي تروي كوتسور للحصول على جائزة الأوسكار 2022 عن دوره في فيلم CODA سيناريو وإخراج الأميركية سيان هيدر عن فئة أفضل ممثل مساعد. وقد يكون سبب الاستغراب هو مرور مايقارب الـ 75دقيقة من الفيلم ذي الــ 110 دقائق وقد ظهر فيها كوتسور فيما يقارب الــ 28 دقيقة في26 مشهد تبدو فيها لقطات تأسيسية لشخصيته الصماء وبعض من مشاكلها الحياتية في محاولة الاندماج مع المجتمع وكسب العيش فيه. ليتخلى المراقب نفسه عن استغرابه مع الدقائق الثلاثين الأخيرة للفيلم والتي ظهر فيها تروي في 10 مشاهد أطولها مشهد الحفلة الذي استغرق مايقارب الـ 8 دقائق وماتلاه من انفعالات في المشهد التالي لمايزيد عن الــ 3 دقائق عندما يشعر بغناء ابنته من ملامسته حبالها الصوتية ويتأثر فيها مثله مثل أي شخص يستطيع سماع الكلام والتفاعل معه, ليفرض تروي نفسه مرشحاً بقوة للحصول على الأوسكار كأول ترشيح له في مسيرته المهنية. وينافس تروي كوتسور ضمن نفس الفئة كل من الإيرلندي كيران هايندز عن دوره في BELFAST والأمريكي جيسي بليمنز والاسترالي كودي سميت ماكفي عن دوريهما في The Power of the Dog و الأميركي جي كي سيمونز عن دوره في Being the Ricardos والذي يُعد الوحيد من بين المرشحين الحائز على الجائزة سابقاً وذلك عام 2015 عن فيلم Whiplash عن نفس الفئة المرشح إليها في نسخة هذا العام.

٤ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

コメント


bottom of page