بغياب 10 دول قدمت ترشيحاتها العام الماضي، إدراج 85 فيلماً ضمن القائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي.
تعتمد الدراسة الأكاديمية في أكاديمية المتحف السينمائي على تحليل العديد من الأفلام التي مرت عبر تاريخ السينما منذ نشأتها عام 1895، والتطرق لموضوعات جديدة في علوم السينما.
حيث تطرح الأكاديمية العديد من الأسئلة والتدريبات على طلابها ليقوموا بالمتابعة والبحث، بهدف تعزيز الرؤى السينمائية لديهم، وكذلك تعزيز قدرتهم على قراءة الأفلام من وجهة نظرهم، وتشريح صناعتها خطوة بخطوة ولقطة بلقطة.
في إحدى المحاضرات طرحت الأكاديمية التدريب التالي :
قدمت صوفيا كوبولا في العام 2017 فيلم The Beguiled وهو نفس الاسم لفيلم صدر عام 1971 عن رواية لـ توماس ب. كولينان.
من خلال متابعتك للفيلمين حدد نقاط التشابه والاختلاف بين الفيلمين، وتخيل فيما لو أخرج فيلم 1971 بنفس تقنيات العام 2017 وبنفس طرائق التفكير المتجددو في عالم السينما، ماذا تتوقع النتيجة؟
الطالب مازن رفعت_ كاتب روائي من اليمن :
من خلال مشاهدتي للفيلمين، فإن نقاط التشابه الأساسية تكمن هي القصة وحبكتها ، جندي من قوات الإتحاد جريح وهارب من الحرب، يلجأ لمدرسة منعزلة فيها طالبات يعشن بها، تحت رعاية مالكتها، يتم اغواء الجندي من قبلهن، وعندما يختار المبيت مع طالبة، تعاقبه مالكة المدرسة ببتر ساقه، ما يجعله يغضب ويهددهن بمسدس، فيضطرن للتخلص منه .
هذه هي القصة في كلا الفيلمين مع اختلاف تناولها من قبل مخرجي الفيلم، فيلم سيغال كان أكثر قتامةً من فيلم صوفيا ، وأكثر واقعية، فشخصية الجندي جون بفيلم سيغال كان ماكراً، ومخادعاً، ويدعي الطيبة، ومنذ دخوله للمدرسة بدأ يغوي كل من يقابل من الفتيات، بداية بالجارية السوداء، وقبلها الطفلة إيمي، نهاية بالمعلمة أدوينا والمالكة مارثا، مما قوّض أي تعاطف معه، وسهل قبول مصيره النهائي لدى الجمهور، بينما شخصية جون بفيلم صوفيا، كان صادقاً ونبيل التعامل، وهو ما استثار التعاطف في مصيره المأساوي .
شخصية مارثا في نسخة سيغال، كانت مضطربة، ومكبوتة، ويظهر ذلك من نظراتها التي أدتها الممثلة بجدارة، فهي كانت تخوض علاقة محرمة مع أخيها ، وعند رفض جون قبول فراشها، وفضل عليها الطالبة كارو ، ظهر شرّها من اضطراب شخصيتها ، بالانتقام من جون ببتر ساقه.
مارثا بنسخة صوفيا كانت ضعيفة، بدت إمرأة طيبة، ومستقيمة، وقوية، وتعاني من الكبت، لكن نيكول كيدمان قصرت في تجسيد شخصية مارثا كما يجب، لهذا كان انتقامها غير منطقي، ببتر ساق جون، خاصة أنها طلبت من جون الرحيل قبل حادثة البتر، في حين أن مارثا بنسخة سيغال، عقدت صفقة مع جون بأن يحل محل أخيها، وأن يعيش معها، لذا فإن معطيات الإنتقام لدى مارثا سيغال مقبولة أكثر من مارثا صوفيا.
مشهد التخطيط لقتل جون ومشهد العشاء الأخير، بنسخة سيغال كان أفضل بكثير، لأنه أظهر الطالبات وهن يخططن لقتل جون بإيعاز من مارثا، أظهر بشاعة أولئك الطالبات رغم وداعة مظهرهن، وخاصةإيمي، وللحظات كنت أراهن شياطين، بينما في نسخة صوفيا، لم تفلح المخرجة بإظهار ذلك الشر المبطن لدى الطالبات_هل التقصير في الممثلات أو المخرجة ، لا أعلم_ ولكنني أميل بأن التقصير من المخرجة صوفيا، التي أختارت فريق من فاتنات شقراوات، وكأنها بصدد إخراج فيلم درامي رومانسي، أو أنها أرادت تظهر أن الورود الجميلة يمكنها أن تجرح، ولكن هذا الانطباع لم يصل لي .
للأسف كتابة صوفيا كانت رديئة مقابل سيغال الذي ظهر نصه متيناً، وهو ما تجسد في الفيلم، الذي ظهر أكثر قوة وفنية من صوفيا، خصوصاً المشهد الجنسي الذي ظهر به جون برفقة مارثا وأدوينا والذي جسد به اللوحة المعلقة بجدار غرفة مارثا، وأجزم أنه لو أعاد إخراجه في عصرنا هذا لظهر بشكل أكثر جاذبية، خصوصاً بحركة الكاميرا والإضاءة، التي ربما جاءت في صالح صوفيا .
الطالب محمد شامية_ مخرج أفلام قصيرة من سوريا:
ثمة فروقات عديدة بين النسختين على عدة مستويات :
على مستوى الفكرة : سنلاحظ أنه بنسخة كوبولا هناك انحيازاً لتقديم الفكرة من منظور أنثوي على حساب الاسقاطات السياسية، متجنبةً الخوض بها، واعتبارها تفصيلاً ثانوياً، قد يمر عليها مرور الكرام على عكس النسخة القديمة .
على مستوى الحوار : اتسمت الحوارات بالرشاقة، والديناميكية، والعمق، وتعزيز الجانب التعريفي بما يجري أكثر مما كانت عليه في النسخة السابقة .
على مستوى السيناريو : قامت كوبولا بحذف وإضافة رتوش في القصة من ناحية حكائية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم نجد المراهقة إليشيا تتجه لوضع إنذار القماشة الزرقاء على بوابة المدرسة لإخطار الدوريات بوجود أسير، مدفوعةً بغيرتها من غريمتها أدوينا التي تنافسها على ذات الرجل، ولم تزج بالعريف ماك بي في علاقة جسدية مع مارثا مديرة المدرسة، مكتفيةً بالتلميح لوجود انجذاب من قبلها، كما أضافت مشهداً حميمياً، تم توظيفه بشكل قوي بين العريف ماك بي وأدوينا في ذروة تصعيد الأحداث، وسنرى أن هناك جهداً قوياً على طول النص على الدوافع الدرامية لكل شخصية، لنراها تتصرف على نحو دون آخر بشكل أكثر اقناعاً .
على مستوى الشخصيات : قدمت كوبولا شخصية مارثا بطريقة أكثر رزانة، وليس لديها ما تخجل، أو تخشى منه، بينما قدمتها النسخة السابقة عبارة عن إمراة لها ماضي قذر، تخشى من كشفه، يتلخص بوجود علاقة منحرفة مع أخيها، وهي شخصية تم اجتزائها كلياً. إضافة إلى شخصية الخادمة الزنجية هالي، التي تم اجتزائها تماماً، مما أسهم في التركيز على شخصيات محددة بعيداً عن رمزية وجودها، وكذلك أبعدت العلاقة التآمرية المتوترة بين الفتيات، وجعلت من شخصية العريف ماك بي كابوساً جماعياً تحول إليه بعد حادثة بتر ساقه، التي أفقدته صوابه على عكس النسخة السابقة التي سنجد بها شخصية ماك بي تتلاعب بخبث منذ اللحظة الاولى بعواطف الجميع، دون أن يظهر ذلك، وكانت حادثة بتر ساقه أشبه بسقوط لقناعه ليس إلا .
على مستوى الاخراج : تضع كوبولا لمستها الخاصة من حيث استخدامها للكوادر الواسعة، والمساحات السلبية ضمنها ، وتنجح بتقديم الفيلم برؤية بصرية مختلفة أكثر جاذبية .
نقاط التشابه بين الفلمين :
لدى الفيلمين محور عام للقصة، حيث لم يتطور الأمر الى إعادة الخلق، وكانت التغييرات جزئية لا تعطي انعطافات جديدة قوية.
فيما يتعلق بفرضية تنفيذ الفيلم المنتج عام 1971 بذات التقنيات الحديثة لعام 2017 حول تصور النتائج :
اعتقد أن النتائج ستكون على مستوى الصورة المتمثلة بالإضاءة، والتباينات الباهتة، والأزياء، والديكور، التي تأخذك لعالم القصة المرئية بالصورة بشكل أكثر عمقاً، ورهافةً، دعماً لرؤية المخرج.
Comments