أفلامهم الأولى| "جيرنيكا" تلميحات قدمها كوستاريكا لنهجه السينمائي المستقبلي

إن السخافات التي أنتجتها الحرب، لا سيما في العلاقات الأسرية, هي الرابط المشترك ما بين اللوحة التي رسمها بابلو بيكاسو عام 1937 وبين الفيلم القصير الذي قدمه أمير كوستاريكا كمشروع تخرج من مدرسة براغ للسينما عام 1978 و قد حملا نفس الاسم / جيرنيكا/ .

الفيلم مأخوذ عن قصة الكاتب الصربي أنتونيي إيساكوفيتش وكتب السيناريو أمير كوستاريكا بالتعاون مع بافيل سكوريا ومن بطولة كاريل اوغوستا, وبيتر كرساك, و يستعرض في 18 دقيقة أحداث تأثرت بحال اليهود في براغ بعد سيطرة الرايخ الثالث / النازيين / و إجبارهم على ارتداء شارات صفراء تميزهم, و ابلاغ السلطات بتواجدهم.

إريك الأستاذ الجامعي في براغ يزور متحفاً مع ابنه الصغير روجر تُعرض فيه نسخة من لوحة بيكاسو /جيرنيكا/, وحين يسأل روجر مندهشاً عن سبب رسم بيكاسو الصورة بهذه الطريقة, يرد الأب بأن بيكاسو اتهم النازيين بأنهم رسموها بهذه الطريقة.

وعلى الرغم من محاولة إريك وزوجته حماية روجر من تأثيرات الأحداث السياسية المحيطة، إلا أن الصبي يشعر بالقلق حيال ذلك, فهو مهتم بشكل خاص بالسبب الذي يجعل الأشخاص ذوي الأنوف الكبيرة ينتمون إلى "النادي" الذي يرتدي أعضاؤه الشارات الصفراء.

وحين يتم استدعاء والديَ روجر لفحص طبي إلزامي، تحاول الأم إنكار وجوده دون جدوى, وفي هذه الأثناء يقطع روجر كل الأنوف من الصور العائلية, ويلصق الصور والأجزاء معاً لتشكيل لوحته التي أستلهمها من لوحة بيكاسو.

لقد اتسمت لقطات كوستاريكا بالزمن الطويل اعتماداً على تحرك الشخصيات ضمن الكادر تارةً, وحركة الكاميرا نفسها تارةً أخرى, فاستمرت اللقطة الافتتاحية 59 ثانية استعرض من خلالها المخرج أسماء المشاركين في الفيلم منطلقاُ من صورة انعكاس مبنى المتحف على مياه البحيرة المجاورة لتبدأ الكاميرا بعد عشرين ثانية بالحركة إلى أعلى Tilt Up مترافقة مع Zoom Out منتهيةً بلقطة تأسيسية تظهر المبنى كاملاً.

وهذه ليست اللقطة الطويلة الوحيدة في الفيلم, فقد تجاوزت 3 لقطات أخرى حاجز الــ 50 ثانية, حتى وصلت أطولها إلى 89.8 ثانية, وقد جسدت مشهد الفحص الطبي الالزامي لما فيها من رسائل يقدمها أمير كوستاريكا, باتت أسلوباُ يميز نهجه السينمائي مستقبلاً.

الفيلم قدم بــ 86 لقطة بمعدل قطع 11.9 ثانية و هو بطيء نوعاً ما, رغم أنه وصل هذا المعدل إلى 1.2ثانية ما بين اللقطة 48 واللقطة 64 وهو مشهد تقطيع الأنوف من قبل روجر, وكذلك وصل إلى 2.1 ثانية ما بين اللقطة 3 و اللقطة 8.

بعد جيرنيكا قدم كوستاريكا فيلمين تلفزيونيين, ليبدأ بعدهما ومنذ العام 1981 رحلة أفلامه متوجاً في المهرجانات الكبرى ما بين فينيسيا وبرلين وكانْ إلى جانب مهرجانات دولية أخرى في البرازيل و الأرجنتين و أميركا, ومهرجانات أوروبية أخرى.

المقالة نشرت في جريدة المدى المصرية