top of page
Crystal Salt

فيلم‎ It Ends with Us .. ‎وسيناريوهات محتملة "للتروما" المثالية‎!‎

صورة الكاتب: نرمين حلمينرمين حلمي

خاص للمتحف السينمائي

كتبت نيرمين حلمي

It Ends With Us

استطاع فيلم It Ends With Us أن يجذب الأنظار ضمن أفضل الأفلام العالمية لعام 2024، محققاً إيرادات جيدة في شباك التذاكر العالمي، اقتربت من ربع مليار دولار خلال أول أسبوعين من طرحه ومن ثمً توالت الإيرادات على مستوى الوطن العربي والغربي، وجدلاً لا بأس به على صفحات السوشيال ميديا ولا يزال مستمراً مع دقات الساعة المنتظرة لحلول العام الجديد.

"ليلى بلوم" بطلة استثنائية عاشقة للورد أكثر من ذاتها، لا تستطيع أن تتخلص من "تروما" المراهقة، أي الصدمة التي تعرضت لها عندما رأت والدها يضرب والدتها، ربما كانت ستتخلص منها إذا انتبهت لها جيداً منذ البداية بدلاً من الهروب والذي أعربت عنه البطلة ببساطة في مشهد انصرافها خلال الفصل الأول من الفيلم قبل انتهاء تأبين والدها.

نغوص في عالم "ليلى" التي تقدمها لنا في مرحلة النضج النجمة بليك ليفلي فيما تعادلها من مرحلة المراهقة الفنانة الشابة إيزابيلا فيرير، في خطين دراميين موازيين، الأول في زمن البطلة الآني وهي تتعرف إلى (رايل/ جوستين بالدوني) بطريقة عشوائية تشبه مسار علاقتهما، فيما تسترجع ماضيها وهي تحن للحب الأول (أطلس/ براندون سكلنار).

المخرج هنا "جوستين بالدوني" والذي يشارك بالتمثيل أيضاً ويقدم نفس دور زوجها المتعجرف، يركز على تفاصيل "التروما" بطريقة مباشرة من خلال تصوير مشاهد أعراض الصدمات وسط فصول الفيلم الثلاثة، البداية والوسط والنهاية، كما يهتم بتوصيل المعاني المستترة لطاقة الشخصية ومشاعرها من خلال إيماءات وحركات جسد الأبطال.

 على سبيل المثال في مشهد تواجدهم بالمطعم، عندما يجمع القدر "ليلي" و"أطلس" مجدداً لكن بعد فوات الأوان ومرور عدة سنوات وزواجها من "رايل"، يلمح "أطلس" إصابة بيد "رايل" تذكره بمثيلتها في يده، والتي شهدت على بدايات علاقته "بليلي" في مرحلة المراهقة، وهنا يشعر بالغيرة رغم عدم أحقيته لها وينفعل ظاهرياً وضمنياً ويواجه "ليلى" بحقيقة استبداله في حياتها!

هذا المشهد يعيد للأذهان حكاية فيلم fingernails للمخرج اليوناني كريستوس نيكو، الذي طُرح العام الماضي، ومن بطولة جيسي بكلي وريز أحمد، والذي اعتمد على فكرة علمية غريبة؛ تتمثل في قياس درجات حب الأزواج ومقاربتهما لبعضهما البعض عَبر نزع أظافر الأيادي، وترك آلة تلجأ لاختبار أعصابهما وحواسهما لاستشعار حقيقتهما عن بُعد.

رغم أن قصة الفيلم المأخوذة عن رواية تحمل نفس الاسم It Ends with Us، من تأليف الكاتبة كولين هوفر، تبدو واقعية مع طرح ملامح "تروما" عامة تعاني منها كل شخصية درامية، أي مؤشر على صعوبة النجاة من أثر الشوائب النفسية، "ليلي" عقدة العنف الأسري، و"رايل" عقدة الفقد بقتله شقيقه بالخطأ في مرحلة الطفولة، و"أطلس" المنبوذ اجتماعياً بلا مأوى، إلا أنه النهاية (المثالية) تطرح تساؤلات وتأويلات أخرى!

كيف تعود "ليلى بلوم" للحب الأول بعد كل هذه السنوات؟ ألم تتغير مشاعرها بين ليلة وضحاها؟ كيف تتقبل شخصاً جديداً عليها تغيرت ملامحه ولم يبقى به سوى أثر إصابة يده التي تعرفت عليه من خلالها؟ .. هُنا نطرح افتراضات لنهايات أخرى لو كان الكاتب يميل للواقعية أكثر من القيم الشاعرية الحالمة في السيناريو.

فرضية الوحدة في It Ends with Us

قرب النهاية المكتوبة في الفصل الثالث بسيناريو فيلم It Ends with Us، بعدما ودعها "رايل" في المستشفى، في إشارة لانفصالهما بعد ولادة طفلهما، ظهرت في المشهد الذي يليه وهي تقود السيارة مع "أطلس"، لكنها الاَن ليست الفتاة المدللة بل الأم الحاضنة.

تصل لوجهتها ثم تحتضنه في الشارع، في وداع ثانِ لقصة الحب الأول، وهو يلمح لها أنها لو كانت تعيش قصة حب حقيقية وقتما ظهر في حياتها مجدداً، كانت ستظل أثيرة لها، ولم يجذبها أي شخص آخر، مؤكداً أنه لا يزال حبها الوحيد في قلبه.

تودعه وتقود السيارة وحدها والهواء يتطاير على وجهها، في مشهد يُبعث به مشاعر الفخر واسترجاع الذات بعد التشتت والضياع، وهي تداعب بيدها رضيعها في المقعد الخلفي للسيارة، وهنا لو كان المخرج رفع شارة النهاية، لأدركنا اختيارها للوحدة والاستقلالية، إثر تغيرات الزمن عليهم جميعاً، وتفضيلها للبدء من جديد عن البقاء مع أي من الطرفين ممثلي ماضيها أو حاضرها.      

فرضية العِشرة

كلنا نتغير و"ليلي بلوم" نفسها اعترفت بذلك حينما زارت قبر والدها قرب نهاية الفصل الثالث المكتوب في سيناريو فيلم It Ends with Us، وهي تتقبل ذلك عكس ما فعلته بالبداية، وسألت والدتها عن سبب تمسكها بوالدها بدلاً من الطلاق، لتجيبها الأخيرة بأن "الرحيل أصعب من الحب وهي تحبه رغم كل شئ."

إذاً ماذا لو كانت سلكت "ليلي" مسار والدتها؟، ووافقت على العودة مجدداً "لرايل"، مثلما كانت تفعل في كل مرة تتعرض للإهانة منه في منزلهما، ولكنه يزين العنف بلمسات من الحنية المزيفة، تخدعها فتستمر في البقاء معه ولو كان الأمر في سبيل سعادة مولودهما الجديد؛ ومحاولات تعافيهما من "التروما" معاً.

كان من الممكن أن يأتي الإدراك والتسامح بعد المواجهة المباشرة بين الزوجين "ليلى" و"رايل"، أي ببساطة تواجدت المشكلة ومحاولات فض النزاع من الطرفين، خاصة وهو الشخص المبادر الذي ساعدها للبقاء على الحياة والتعافي في بداية علاقاتهما ونستدل على ذلك بعدة مشاهد في البدايات.

لكن الرؤية السينمائية هنا انتصرت لأسطورة الحب الأول والحنين للذكريات والتي ربما لم تجدها في الواقع لو انغلق باب منزل واحد جامعاً "ليلى" و"أطلس"، وتوالت الأزمات ومشاكل الحياة..

مَن يدري إلى متى سيظل الحبيب المراهق مسالماً دون عجرفة أو انزعاج أو ضيق؟

فرضية التسليم

أمًا السيناريو الأكثر قتامة، وهو ألا تقبل "ليلي بلوم" هذا أو ذاك، وتترك الدنيا وحالها لمولودها في رعاية أمها الأكثر تسامحاً ومرونة مع عقبات الواقع وعُقد النفس.

قرار الرحيل بالانتحار ليس وليد المصادفة، فرضية ألقاها الكاتب بعقولنا منذ بداية الفصل الأول المكتوب في سيناريو فيلم It Ends with Us، في المشهد الذي اجتمع به لأول مرة "ليلي" و"رايل" فوق أسطح إحدى العمارات، وهو ينظر لها ويعبر عن قلقه لجلوسها على الحافة الأقرب للسقوط.

 مشهد عابر موحي بفرضية الانتحار، من "ليلى بلوم" شخصية درامية تتحلى بالضعف والهزيمة والانكسار، وتفضل الهروب عن المواجهة، والاكتئاب عن المصارحة، ضمن تركيبتها العقلية والنفسية منذ الطفولة.

وبعد محادثاتهما نرى انتقالهما معاً للجلوس في مكان أكثر اتساعاً وآماناً، بعيداً عن ضجيج السيارات، في إشارة لاستجابتها له ببداية العدول عن الاكتئاب والسماح له بدخول حياتها، كذلك حدوث نقلة في حياة "رايل" بعدما شعرت أنه فاقد لمعاني الحياة والتي يتنساها بلذات العلاقات الغرامية العابرة.

ربما قد يعاب على النص السينمائي لفيلم It Ends with Us مثاليته المفرطة مع شخصيات مجسمة بالأبعاد الاجتماعية والنفسية وليست سطحية، ومباشرة، ومربكة، والتي تأخذك لمسار النهايات الرومانسية البديعة المتعارف عليها درامياً عَبر مر العصور، تلك التي تصور الحبيبة يعودان مجددًا رغم تطور رحلته واختلاف كل شئ؛ تفرق الزمان والمكان والبطل وذاته وعقده النفسية!


٣١ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page