بغياب 10 دول قدمت ترشيحاتها العام الماضي، إدراج 85 فيلماً ضمن القائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي.
حوار: أليكس بريتش
ترجمة: محمد زرزور
تقول ساندرا هولر"في بعض الأحيان، أتساءل فقط عما يحدث".
من المؤكد أن الممثلة الألمانية ساندرا هولر، تعتبر شخصية مرموقة في ساحة السينما العالمية، لكنها أصبحت هذا العام واحدة من أكبر نجومها عندما تم عرض أحدث أفلامها، "تشريح السقوط" Anatomy of a Fall لـ جوستين تريت و"منطقة الاهتمام" The Zone of Interest لـ جوناثان جليزر، لأول مرة في مهرجان كان السينمائي.
وحصل الفيلمان على أهم جائزتين في المهرجان، حيث فاز فيلم Anatomy of a Fall بجائزة السعفة الذهبية المرموقة، في حين فاز The Zone of Interest بالجائزة الكبرى.
في تشريح السقوط، تلعب هولر دور ساندرا، الروائية الناجحة المشتبه في أنها قتلت زوجها، عندما تحاول تبرئة نفسها، تجد أن براءتها قد تم تحديها، وتدفع علاقتها مع ابنها المكفوف، الشاهد الوحيد على وفاة زوجها الغامضة_ إلى نقطة الانهيار.
ولا يمكن أن يكون الأمر أكثر اختلافاً عن فيلم "منطقة الاهتمام"، وهو فيلم درامي عن الحرب العالمية الثانية يدور حول قائد نازي وزوجته هيدفيج هوس (التي تلعب دورها هولر)، واللذان يعيشان بجوار أوشفيتز.
وبعد أشهر، لا تزال هولر تحاول استيعاب الاهتمام الذي حظيت به هذا العام، وتقول:
"هذا ما تحلم به عندما تذهب إلى العمل، أنا ممتنة جداً لأن كل هذا قد حدث، ليس فقط بالنسبة لي، بل أيضاً بالنسبة للأفلام نفسها".
كما توضح الممثلة: "في أوقات سابقة، تلقيت المديح الجيد بالنسبة لعملي، ولكنه لم يكن كثيراً للأفلام التي عملتُ بها، يمكن أن يكون ذلك مؤلماً حقاً، لكن جميعنا حصلنا على التقدير هذا العام، وذلك لأننا جميعاً فعلنا ذلك معاً"
في حفل توزيع جوائز الأوسكار السادس والتسعين، حصل كل من Anatomy of a Fall وThe Zone of Interest على 10 ترشيحات، حيث تم ترشيح كلا الفيلمين لجائزة أفضل فيلم، وكلا المخرجين لأفضل إخراج، والنصوص لأفضل نص أصلي وأفضل سيناريو مقتبس، على التوالي، ومن خلال تشريح السقوط، تم ترشيح هولر لأول مرة لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في دور رئيسي.
وقالت هولر:
"أنا ممتنة للغاية، ومتحمسة للغاية، في الوقت نفسه، ولدت في بلدة صغيرة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، وهذا الجزء مني لا يختفي أبداً".
لقد كان العام الماضي بمثابة زوبعة، لكنها تعلم أنها ستختفي في النهاية. "في الوقت الحالي، كل هذه الاحتمالات أمامي، ويمكنني رؤية كل هذه الأشياء في جميع أنحاء العالم وأريها لابنتي، أنا أحب ذلك، لكن في النهاية، سأعود إلى المنزل وينتهي بي الأمر بطي الغسيل مرة أخرى، كل شيء يحدث في نفس الوقت الآن."
المجلة الرقمية لأكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة A.frame حاورت ساندرا هولر حول فيلميها Anatomy of a Fall وThe Zone of Interest: الأكاديمية: كتبتْ جوستين "تشريح السقوط" خصيصاً لك. عندما تكتشفين هذا، هل يجعلكِ تشعرين بمزيد من الضغط للقيام بالأمر بشكل صحيح؟ أم أنه يجعلك تشعرين بثقة أكبر بأنك ستفعلين ذلك؟
أعتقد أن ما فعلَته في الغالب - وكان هذا أيضاً جزئياً لأننا عملنا معاً بالفعل - هو أنها فعلت ذلك حتى أعلم أنها لن تحاول ممارسة أي ألعاب معي.
كنت أعلم أنها لن تجعلني أفعل شيئاً ما، ثم تجعله يبدو كشيء آخر في المونتاج، كان هناك تفاهم بيننا: ما كنا نناضل من أجله من أجل تصوير هذه المرأة هو شيء لم نتحدث عنه حتى، لأنه كان واضحاً تماماً لكلينا، فعندما يكتب الناس لك خصيصاً، يمكن أن تسوء الأمور حقًا.
في هذه الحالة، كنت محظوظةً لأن جوستين لم تكتبه لي كشخص، أو لإثارة إعجابي، أو لأن لديها خيالاً عني، لقد كتبتها لي كممثلة، لقد وثقت في قدرتي على القيام بذلك بالطريقة التي أرادت أن يتم بها.
الأكاديمية: عندما تحصلين على دور مثل هذا، وهو دور مركب وغامض للغاية، ما هي الأسئلة الأولى التي تطرحينها أو الخطوات التي تتخذينها لتجدين طريقك إلى الشخصية؟
لا أحب عادةً التحدث أو طرح الأسئلة للوصول إلى الشخصية، هذا شيئاً لا أفعله عادة، أفضل السماح لها بالبقاء في جسدي، الشخصيات غير موجودة، لذا يمكنهم أن يأتوا إليّ.
في هذا الفيلم، أحببت قوة هذه المرأة والطريقة التي لا تشتكي بها من معاملة الناس لها بطريقة خاطئة، تضع جوستين كل هذا على الطاولة لينظر إليه الجميع ويرونه، لكنها لم تقل أي شيء عن الشخصية بحواراتها، ولا أحد يقول أي شيء عنها أيضاً.
لقد أحببت الطريقة التي تركَتها بها وحيدة مع حزنها، دون أن تجعلها تتحدث عنه طوال الوقت، حتى أن هناك جملة في النص عندما تغادر قاعة المحكمة، ويطرح عليها الصحفيون أسئلة حيث تقول: "أريد فقط العودة إلى المنزل، أريد أن أحزن بسلام" ولم تدع جوستين حتى هذه الجملة للبقاء في الفيلم.
أنا معجبة بهذه الاختيارات كثيراً، وقد كان من السهل فعلاً قضاء الوقت مع الشخصية.
التحضير الأساسي الذي كان عليّ القيام به للفيلم كان يعتمد على اللغة، كان علي أن أتعلم الكثير من الفرنسية، فلقد تحدثت بالفعل قليلاً، وفهمت أكثر مما أستطيع التحدث، لكنني أردت أن تكون الشخصية قادرة على فهم الطريقة التي كانت تقول بها الأشياء باللغة الفرنسية، لأن هناك العديد من الطرق المختلفة لقول أشياء معينة.
عندما أصنع فيلماً باللغة الألمانية، أكون دائماً دقيقةً جداً فيما يتعلق بأصغر التغييرات وإيقاع الكلمات ومشاعرها، فكل تلك الأشياء تعني شيئاً ما. لذلك، كنتُ منشغلةً جداً بتعلم أكبر قدر ممكن من اللغة الفرنسية، كان ذلك يعني إعادة قراءة النص كثيراً، ومع ذلك خرجت المزيد من الأسئلة حول علاقاتها مع ابنها، وزوجها، وكل تلك الأشياء، فلم يتضمن أي منها عمل سيرة ذاتية للشخصية.
أعتقد اعتقاداً راسخاً أن كل ما نحتاج إلى معرفته حول الشخصية موجود في النص، أو لا يكون كذلك، أنا لست كاتباً، لا أستطيع أن أشكل سيرة شخصية، بل أجد أن هذا هو الحال بالنسبة لي، على الأقل. ربما أنا كسولة فقط، ولكن يبدو الأمر دائماً وكأنه تجاوز للحدود، لأنه إذا لم تخبرني الشخصية بشيء ما، فمن أنا لأقوم بذلك؟
الأكاديمية: لقد قلت أنك سألت جوستين عدة مرات عما إذا كانت شخصيتك مذنبة أم لا، ولم تخبرك بذلك مطلقاً. هل سبق لك أن توصلت إلى استنتاجك الخاص؟
يجب أن أقول أنه كان من سوء الفهم أنني سألتها طوال الوقت عن ذلك، سألتها ذات مرة، قبل يومين من بدء التصوير، وكانت تلك هي المرة الوحيدة، فلم أفعل ذلك مرة أخرى، ولم يكن لديها إجابة لي.
لكن، نعم، كنت أتعامل مع الغموض، فقد وجدت في النهاية شيئاً آخر أكثر إثارة للاهتمام للتفكير فيه، وهو الطريقة التي يفكر بها الآخرون عنها وحتى الطريقة التي فكرت بها .
عندما قرأت السيناريو لأول مرة، احترت بين رأي وآخر، واعتقدت أنه كان من المثير للاهتمام الطريقة التي واجهت بها حكمي عليها، سواء كان الأمر يتعلق بكيفية اختيارها أن تكون أماً وزوجة، أو محافظتها على حريتها.
إنها تشغل مساحة بطريقة غير مبالية لم أعتد عليها أتمنى لو أستطيع ذلك_ لكني نشأت بشكل مختلف عنها. إنها ترفض أن تكون جزءاً من هذه الرواية الأبوية للحياة، وأنا أحبها كثيراً لذلك، وقد تعلمت أن أعيش مع الغموض بسبب كل ذلك.
إذا كانت لدي أمنية واحدة، فستكون سماع كل النظريات التي سيطرحها كل من يشاهد الفيلم بعد ذلك، لأنني أعتقد أنه سيكون هناك آراء وأفكار أكثر مما نعتقد، فالناس قادرون على التوصل إلى العديد من التفسيرات المختلفة لقصص مثل هذه.
هذا حقًا مثير للاهتمام بالنسبة لي، إن السؤال عما إذا كانت هي نفسها قد فعلت ذلك أم لا، لا يخطر على بال بعض الناس، لأنهم يتوصلون إلى أشياء تتعلق بشخصيات أخرى في القصة كان من الممكن أن تفعل ذلك، فهناك الكثير من ردود الفعل المختلفة التي يمكن أن تكون لدى الناس تجاه كل شيء.
الأكاديمية: عندما تكونين ممثلةً، فإن جزءاً من العمل هو نسيان الكاميرا. ومع ذلك، فإن شخصيتك في Anatomy of a Fall تدرك الكاميرا بشكل دائم. هل أدى ذلك إلى تغيير أسلوبك بشكل تام؟
أفهم ما تقصده، لكن أعتقد أن الفرق هو أن الكاميرا ليست موجودة للحكم، فهي موجودة لترى وتشاهد وتلتقط كل شيء، وما تواجهه هذه الشخصية طوال الوقت هو الحكم، وأعتقد أن هذا شيء مختلف.
إنه يضع ضغطاً مختلفاً تماماً على شخص ما، أكثر من مجرد مراقبته بمحبة بواسطة الكاميرا، وهذا ما نريده، ألا تكون الكاميرا صعبة علينا، بل نريدها أن تحتضننا، لذلك على الرغم من أنني أعرف ما تعنيه، فإن هذين الأمرين بطريقة ما ليسا مرتبطين في ذهني، وشخصيتي لا تشعر بها.
بطريقة ما، تشعر بأنها محكوم عليها طوال الوقت، وعليها أن تتعامل مع ذلك، وهذا شيء آخر تماماً، ولا يؤثر ذلك على علاقتي بالكاميرا أيضاً، لأنه ما زال ينتهي بي الأمر بالتجول وصنع وجوه مضحكة طوال الوقت، فهذا يحدث مهما حصل.
الأكاديمية: لقد ذكرت الصفات التي تعجبك في ساندرا. هل كانت هناك أي جوانب من الشخصية أو مشاهد معينة تمثل تحدياً خاصاً للأداء؟
يبدأ كل شيء بتلك المحادثة الأولى، حيث تجري الطالبة المقابلة معها، والشيء المخادع في الأمر هو أنها تجيب مثل رجل نقي عجوز. إنها تجيب على الأسئلة بطريقة سمعناها مرات عديدة من قبل، وهو أمر ممل للغاية، لكن حقيقة قيامها بذلك في تلك المرحلة أزعجتني.
لقد كان من الصعب فعلاً تصوير هذا المشهد، لأنني كنت أعلم أنه كان المدخل إلى القصة، ولم أرغب في أن يشك الناس بها على الفور في تلك اللحظة، فأردت منهم أن يحترموها.
كانت هناك أشياء كثيرة في قائمتي وأردت أن أذكرها، وكان الأمر أكثر من اللازم، وكل ما تفعله هو إجراء محادثة في المشهد الأول، لكنك تقوم بكل هذه التوقعات عنها على أي حال.
في النهاية، حاولت فقط قضاء وقت ممتع معها، كما تفعل هي، وقمنا بتصوير هذا المشهد مرتين، لأنه في المرة الأولى لم يكن الأمر ناجحاً، لقد كان ثقيلاً بالفعل.
الأكاديمية : تصنع جوستين أفلاماً مختلفة تماماً عن مخرج فيلم The Zone of Interest، جوناثان جليزر، لكن كلا المخرجين يتمتعان بأصوات محددة ورؤى صارمة. كممثلة، ما الذي يجعل العمل مع مخرجين مثل هؤلاء أمراً مشجعاً للغاية؟
هناك أشياء كثيرة لا تحتاج إلى مناقشتها معهم، وهذا هو أول ما يبرز، فهناك فهم أساسي لمعنى الإلهام الإبداعي معهم، وحقيقة أنه ليس في أيدينا دائماً.
يمكننا أن نعمل بجد لوضع الخطط، والنصوص، والمواقع، والأزياء، وتصفيف الشعر والمكياج، وكل هذه الأشياء، ويمكنني تأليف بعض القصص عن شخصيتي - وهو ما أرفض القيام به في الغالب - ولكن ماذا يحدث بمجرد أن نفعل ذلك حقاً؟ البدء في صنع شيء ما ؟ لا أحد يعرف، إنهما يفهمان ذلك، وليس الجميع يفعل ذلك.
بعض الناس يريدون السيطرة على كل شيء، ولكن ليس هذين الاثنين، فهما لا يفعلان ذلك، بل إنهم يحبون فعلاً اللحظات التي تحدث فيها أشياء لم يتوقعوها. كلاهما أيضاً شخصان طيبان حقاً، ويعرفان كيفية القيام بعملهما.
إنهما، كفنانين، لا يحتاجان إلى القتال من أجل مكانتهما، ولا يحتاجان إلى أن تكون لهما سلطة على أي شخص، وهذا ما أراه في جوستين وجوناثان. دائماً يقومان بإشراك الجميع في هذه الصناعة، ويعجبني ذلك كثيراً، وهناك روح الدعابة والتواضع الحقيقي في مواقع التصوير الخاصة بهم.
الأكاديمية: يتطلب كل من Anatomy of a Fall وThe Zone of Interest أن تلعب مثل هذه الأدوار المركبة. كيف تتخلصين منهما في نهاية التصوير؟
لقد تعلمت على مر السنين أن الأمر مجرد مسألة صبر، علي فقط أن أترك الأمر يحدث. في الغالب، ليست الشخصيات نفسها أو العمل نفسه هي التي أحتاج إلى التخلي عنها فقط، بل طاقة العمل.
الأدرينالين المرتفع، وسرعة كل شيء، وإيقاع العمل، والاستيقاظ مبكراً والذهاب إلى الفراش بوقت متأخر، وهذه ليست الطريقة التي نتصرف بها في حياتنا.
بمجرد عودتك إلى عالمك الآخر مرة أخرى، سيستغرق الأمر وقتاً لإعادة المعايرة، علي فقط أن أترك الأمر يحدث، فليس لدي طقوس أو أي شيء.
عندما بدأت لأول مرة، كان القيام بذلك أصعب بكثير مما هو عليه اليوم، لأن عالم السينما كان طاغياً جداً، وأجمل بكثير مما اعتقدت أن حياتي كانت في ذلك الوقت، وهو أمر مختلف الآن.
الأكاديمية : نظراً للنجاح الذي حققه الفيلمان هذا العام، هل تتطلعين إلى المستقبل؟ هل لديك خطط لما ستفعلينه أو تأملين أن تفعليه بعد ذلك؟
لا أعتقد أنني سأغير أي شيء في حياتي أو عملي، ربما في الغرفة المجاورة، حيث يوجد جميع مسؤولي الدعاية، يضحك شخص ما، لأن هذا ما يعتقده الأشخاص في موقفي دائماً.
لكنني عملت دائماً بجد، وكنت دائماً لطيفة مع الناس. أحب التواجد حول الآخرين، ولا أنزعج من ذلك، أحاول أن أحافظ على خصوصيتي قدر الإمكان، ويبدو أن الأمور تأتي في طريقي من تلقاء نفسها.
كلما يحدث ذلك، أتمكن من اتخاذ قرار بشأن ما إذا كنت أرغب في أن أكون جزءًا من شيء ما أم لا، وإذا توقفت الأمور عن السير في طريقي، فسأضطر إلى إيجاد طريقة جديدة للقيام بما أقوم به، لكنني لن أجبر نفسي على أي شيء.
هذه هي الطريقة التي عملت بها حتى الآن، وأعتقد أنني سأستمر في القيام بذلك بهذه الطريقة.
Comments