top of page
Crystal Salt

السينما السورية في خمسين عاماً | البدايات

تاريخ التحديث: ٣١ مايو ٢٠٢٣


السينما السورية في خمسين عاماً

كتب جان ألكسان في العدد الأول من مجلة الحياة السينمائية /خريف العام 1978/

تؤكد الوثائق التي بين أيدينا أن الانتاج السينمائي بدأ في مصر وسورية ولبنان في فترات متقاربة نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات, ولم يبدأ في أقطار أخرى وأولها العراق , إلا في بداية الأربعينيات.

ففي مصر كان يوم 16 تشرين الثاني من عام 1927 يؤرخ ميلاد السينما العربية بعرض الفيلم الروائي الصامت / ليلى/ الذي أنتجته وقامت ببطولته الفنانة السيدة عزيزة أمير من إخراج استيفان روسني ( أخرج المراحل الأولى منه وداد عرفي ثم فسخت عزيزة أمير العقد معه)

أما في سورية فكان الانتاج الروائي الأول لشركة "حرمون فيلم" والإخراج لأيوب بدري واسم الفيلم " المتهم البريء" وذلك عام 1928.

وفي العام التالي أي في عام 1929 أنتج لبنان أول فيلم روائي طويل هو "مغامرات الياس الحبروك" وقد قام بإخراجه مخرج إيطالي شاب هو جواردانو بيدوني, وهو _كما أعلن عنه_ كوميديا اجتماعية انتقادية صادقة.

وبالرغم من هذه البدايات المتقاربة زمنياً, فإن مسيرة السينما العربية في كل من هذه الأقطار الشقيقة اختلف بسبب جملة من الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية, ففي مصر تحول قطاع السينما إلى قطاع تجاري مربح, وقد أنتجت السينما المصرية خلال نصف قرن من عمرها حوالي ألفي فيلم.

وفي لبنان كان من المتوقع أن تصبح السينما نشاطاً فنياً متميزاً , ولكن إدخال السينما _ كفن_ في دائرة السلعة التجارية, جعل هذا الفن ينتكس ويتهاوى, باستثناء محاولات قليلة لاتكاد تذكر .

أما في سورية فالوضع مختلف..فقد مرت السينما بمرحلتين سبقت قيام ثورة الثامن من آذار وقيام المؤسسة العامة للسينما عام 1963, وكانت مرحلة البدايات في الانتاج, إذ أُنتج فيها المغامرون الأوائل سبعة أفلام روائية طويلة بأسماء شركات سرعان ماكانت تنسحب من ميدان الانتاج السينمائي بعد انتاج فيلمها الأول, لأنها دخلت هذا الميدان_في الأساس_ طمعاً في الربح الكبير والسريع.

أما المرحلة الثانية, والتي بدأت مع تأسيس وزارة الثقافة والإرشاد القومي, وقيام مؤسسة السينما في بداية الستينيات, فكان منعطف السينما الكبير في سورية, وتميزت بقيام تجربة سينما القطاع العام, ومحاولات تقديم السينما الجادة. مقابل استشراء عدوى الانتاج السينمائي في القطاع الخاص, وبصورة خاصة بعد صدور مرسوم حصر استيراد وتوزيع الأفلام بالمؤسسة العامة للسينما عام 1969 , ودخول أصحاب دور السينما ميدان الانتاج السينمائي ,والمساهمة فيه, أو دعمه بعرض أفلامه في الصالات التي يملكون بدل أن يستوردوا أفلاماً جديدة عن طريق المؤسسة, وذلك كموقف سلبي غير معلن من مرسوم حصر الاستيراد أو التوزيع بالمؤسسة, رغم أن المرسوم حصر عملية الاستيراد بالمؤسسة, ولكنه أبقى الاستثمار المباشر لهذه الأفلام المستوردة في دور العرض عملاً حراً يقوم به القطاع الخاص.

من هنا كان عدد الأفلام الروائية التي أنتجتها سورية خلال نصف قرن من الزمن لايتعدى المائة فيلم وكان ثمانون من هذه الأفلام من انتاج القطاع الخاص, والعشرون الباقية من انتاج القطاع العام.

ويمثل كل من هذين القطاعين اتجاهاً مختلفاً_بل ومنتاقضاً_بالنسبة للآخر, ففي حين يلتزم القطاع العام بالهدف الأساسي الذي قامت مؤسسة السينما من أجله, وهو ( توجيه الانتاج السينمائي في خدمة الثقافة والعلم والقضايا القومية), نجد القطاع الخاص يحول السينما إلى متاجرة مؤسسية, وإلى تقليد أسوأ ما أنتجته السينما التجارية العربية والأجنبية من أفلام لا يتوخى منتجوها من وراءها إلا الربح المادي, وإن كان ذلك يتم على حساب الذوق العام والفن معاً..

حاولت سينما القطاع العام أن تبعث الأمل في إمكانية خلق سينما عربية جديدة ومتطورة تكون مثالاً واضحاً لاستخدام الفن كسلاح فكري وحضاري, وأن تكون مرآة العصر وشاهداً ملتزماً بقضايا الانسان العربي والوطن العربي, وأن تكون السينما العربية الجادة التي يطمح لتحقيقها وتعميمها جميع المخلصين.

وكانت السينما _ في سورية بالذات _ مؤهلة لمثل هذا الدور الهام, وبالفعل سار القطاع العام في هذا الاتجاه, وأنتج مجموعة من الأفلام حاز عدد منها على جوائز في المهرجانات العالمية, ولكنها لم تصل بصورة مرضية إلى الجماهير لأنها قليلة كماً, ولأن ذوق الجمهور قد أُفسد بالنوع الثاني من الأفلام التجارية, يشده إليها إعلان مثير, أو صورة صارخة , و إدعاء بأن الفيلم ساعتان من الضحك المتواصل.


يتبع

٧٠ مشاهدة٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Comments


bottom of page